من طرف ابو عبدالله السبت أغسطس 15, 2009 7:48 amالسوسة الحمراء تفتك بالنخيل ووسائل المكافحة تزيدها انتشاراً
محمد بن عبد الله الشريف
الكلام هنا عن نوع من الحشرات يسمى سوسة النخيل الحمراء، واسمها العلمي هو red palmweevil وهي سوسة لونها أحمر تشبه الخنفساء في حجمها، ذات منقار له قدرة عجيبة على اختراق جذع النخلة والاستيطان داخلها، والعيش على العصارة المغذية لفروع النخلة، والتكاثر داخلها بشكل سريع، ولا تحتاج النخلة منذ احتلال الحشرة لها أكثر من شهر حتى تبدو عليها الإصابة ثم الهزال ثم السقوط، لكي تنتقل الحشرة وما خلفته من ذرية إلى جذوع أخرى تختارها بنفسها، والعجيب أن لها قدرة على الطيران إلى مسافات بعيدة، بحيث إن وجود الإصابة في مزرعة واحدة كفيل بانتقالها إلى المزارع المجاورة، مثلما أن وجودها في نخلة واحدة في المزرعة الواحدة كفيل بانتقالها إلى نخيل المزرعة الأخرى.
ومن المعروف أن الحشرة مستوطنة في بعض مناطق المملكة، لكن انتشارها امتد إلى مناطق أخرى مع مرور الزمن، بفعل جلب وترويج فسائل النخيل المصابة التي يجلبها أفراد من مزارع مصابة بطريقة عشوائية لا تخضع للرقابة، ويخشى إذا استمر الوضع على ما هو عليه أن تنتشر هذه الحشرة في جميع المناطق والمزارع.
أما كيف وجدت هذه الحشرة، فيقال إن قدومها إلى المملكة تم من خلال أشجار نخيل الزينة، التي تتشابه جذوعها مع جذوع النخيل، وذلك قبل نحو ثلاثة عقود، بيد أن انتقالها إلى نخيل التمور وانتشارها فيها بشكل سريع فاجأ في البداية وزارة الزراعة، التي لم تكن مستعدة أو مؤهلة فنياً لمواجهتها، ولو تم ذلك من البداية لأمكن السيطرة والقضاء عليها.
وأكتفي في الأسطر التالية بتسجيل مشاهدات وشكوى شريحة كبيرة من المزارعين من الكارثة التي حلت بهم بسبب انتشار هذا الوباء:
1 ـ إن انتشار هذه الحشرة بشكل سريع ولافت للنظر، يهدد الثروة الزراعية والاقتصادية بالزوال، وهي النخيل، ويسيء إلى ما ارتبط بها من تراث وطني، حيث كانت تمثل المصدر الغذائي الأول لسكان الجزيرة العربية، وقد كرمها الله بالذكر في 22 آية من القرآن، وإذا صح كل ما نسمعه عن النخيل التي يتم قلعها بسبب الإصابة فإن الأمر خطير جداً.
2 ـ إن جهود المكافحة الحالية غير مجدية، لأنها مقتصرة على القلع ثم الغرم، ومع ذلك فهي جهود محدودة، وتتم في نطاق ضيق، ولا تستجيب لنداءات المزارعين إلا بعد انتظار طويل قد يتسبب في انتشار الإصابة أكثر مما هي، كما أن القلع يتم بطرق بدائية لا تمكن من قلع النخلة بكاملها، وفوق ذلك فهي تترك بعد القلع في مكانها في انتظار سيارة النقل المكشوفة، وكل هذه الأساليب تتسبب في زيادة انتشار الوباء، سواء في المزرعة المصابة، أو من سيارة النقل أثناء مرورها بين المزارع.
3 ـ تشكو وزارة الزراعة من أن بعض أصحاب المزارع المصابة يقفلون أبوابهم في وجوه مندوبي الوزارة عند حضورهم للكشف أو القلع، ولو استقصت الوزارة الأسباب بطريقة علمية، وبوسائل بحثية ميدانية تبينت لها الأسباب الحقيقية، التي ستجعلها إما أن تتوقف عما تقوم به، وإما تعيد النظر فيه، أو تستبدله بما هو أنجع، ولا أجد أسهل من أن تقوم الوزارة بذلك، وتجلس مع المزارعين وتحاورهم، وربما وجدت لديهم من الأفكار ما يساعدها ويوحي لها بما تعجز إمكانات المزارعين عن القيام به.
4 ـ يتساءل الناس كلهم أين مراكز الأبحاث الزراعية، وكليات الزراعة في الجامعات من هذه المشكلة منذ اكتشافها؟! وما الذي أجرته من بحوث وخرجت به من نتائج حولها؟ أين المشكلة، منشؤها، وكيفية انتقالها، وتكاثرها، ووسائل مكافحتها؟ وإذا كان هناك أبحاث أجريت فلماذا لم تنشر نتائجها، وإذا كان هناك عجز فلماذا لا يعلن؟!
5 ـ يقوم بعض المزارعين بمعالجة نخيلهم بأنفسهم بوسائل بدائية، لكنهم يرون أن هذه الوسائل، وإن لم تكن ناجحة 100 في المائة، إلا أنها أقل ضرراً عليهم من الوسيلة التي تتبعها الوزارة، بعد أن ظلوا ينظرون إلى هذه النخيل وهي تنمو مثلما ينظرون إلى نمو أولادهم، يخسرون عليها من عرقهم ودخلهم المحدود، ويصعب عليهم التضحية بها في لحظة، لكنهم في الوقت ذاته يشكون من عدم مساعدة الوزارة لهم لتطوير الوسيلة التي يتبعونها، أو على الأقل توفير المبيدات التي يستخدمونها للمكافحة.
6 ـ قامت الوزارة باستقدام فريق فني يقال إنه متخصص في مكافحة سوسة النخيل، وتعاقدت معه على إجراء التجربة في مزارع محددة، حتى إذا ما نجحت التجربة يتم تعميمها، وتتلخص الطريقة التي يقوم بها في ثقب جذع النخلة في ثلاثة مواضع، ثم حقن مبيد يتم تركيبة من عدة عناصر من المبيدات، وهي طريقة سهلة وغير معقدة فيما لو تم نجاحها، وهي لا تبتعد كثيرا عما يقوم به مزارعونا، بيد أنه ظهرت بعض الإصابات على بعض النخيل التي تمت معالجتها، الأمر الذي يستوجب البحث والتقصي لمعرفة الأسباب.
7 ـ إن من ضمن المقترحات التي ستكون مفيدة، أن تقوم الوزارة بتدريب المزارعين أنفسهم على وسائل المكافحة الناجحة، وتعينهم على تطوير الأساليب التي يقومون بها بجهودهم الذاتية، وتوفير الأدوات والمبيدات اللازمة، وكذا تنظيم دورات تدريبية في المحافظات والقرى، بإشراف مراكز الأبحاث وكليات الزراعة، على أن يصاحب ذلك توعية مكثفة بوسائل الإعلام المتاحة، مع القيام بجولات مكثفة ميدانية على المزارع للتأكد من حصول الإصابات وحصرها، وتدريب المزارعين على وسائل الوقاية. إن القيام بإجراءات من هذا القبيل كفيل بالحد من الإصابات، إن لم يكن القضاء عليها بمشيئة الله.
8 ـ إن مكافحة هذه الآفة، فضلا عن الوقاية منها، تحتاج إلى وسائل علمية، وإمكانات مادية وبشرية كبيرة، تتناسب والأخطار المحدقة بالمزارع، التي تهدد بالقضاء على هذه الثروة الوطنية المهمة، وإذا كانت وزارة الزراعة لا تملك هذه الوسائل، أو جلها، ولا الاعتمادات المالية الكافية لها، فعليها أن تطلبها، بعد أن تبين مدى الأخطار التي تهدد البلاد من تفاقم هذه المشكلة، ولا يكفي في ذلك ما يتوافر في ميزانية الوزارة من اعتمادات قد تكون قاصرة، فالأمر خطير، ولا بد من مواجهته بإعلان حالة طوارئ واستنفار، وتصوير للوضع على حقيقته لولي الأمر، الذي لن يتوانى عن التجاوب والتوجيه بتوفير كل ما يلزم لمساعدة المزارعين، ودرء ما يحيط بهم من أخطار، فهو الذي أمر بتوفير الاعتمادات الضخمة لتطوير التعليم والقضاء، أليست الزراعة، وعمادها النخلة، هي المقوّم الأساس للحياة على هذه الأرض؟!
والله من وراء القصد.
محمد بن عبد الله الشريف
الكلام هنا عن نوع من الحشرات يسمى سوسة النخيل الحمراء، واسمها العلمي هو red palmweevil وهي سوسة لونها أحمر تشبه الخنفساء في حجمها، ذات منقار له قدرة عجيبة على اختراق جذع النخلة والاستيطان داخلها، والعيش على العصارة المغذية لفروع النخلة، والتكاثر داخلها بشكل سريع، ولا تحتاج النخلة منذ احتلال الحشرة لها أكثر من شهر حتى تبدو عليها الإصابة ثم الهزال ثم السقوط، لكي تنتقل الحشرة وما خلفته من ذرية إلى جذوع أخرى تختارها بنفسها، والعجيب أن لها قدرة على الطيران إلى مسافات بعيدة، بحيث إن وجود الإصابة في مزرعة واحدة كفيل بانتقالها إلى المزارع المجاورة، مثلما أن وجودها في نخلة واحدة في المزرعة الواحدة كفيل بانتقالها إلى نخيل المزرعة الأخرى.
ومن المعروف أن الحشرة مستوطنة في بعض مناطق المملكة، لكن انتشارها امتد إلى مناطق أخرى مع مرور الزمن، بفعل جلب وترويج فسائل النخيل المصابة التي يجلبها أفراد من مزارع مصابة بطريقة عشوائية لا تخضع للرقابة، ويخشى إذا استمر الوضع على ما هو عليه أن تنتشر هذه الحشرة في جميع المناطق والمزارع.
أما كيف وجدت هذه الحشرة، فيقال إن قدومها إلى المملكة تم من خلال أشجار نخيل الزينة، التي تتشابه جذوعها مع جذوع النخيل، وذلك قبل نحو ثلاثة عقود، بيد أن انتقالها إلى نخيل التمور وانتشارها فيها بشكل سريع فاجأ في البداية وزارة الزراعة، التي لم تكن مستعدة أو مؤهلة فنياً لمواجهتها، ولو تم ذلك من البداية لأمكن السيطرة والقضاء عليها.
وأكتفي في الأسطر التالية بتسجيل مشاهدات وشكوى شريحة كبيرة من المزارعين من الكارثة التي حلت بهم بسبب انتشار هذا الوباء:
1 ـ إن انتشار هذه الحشرة بشكل سريع ولافت للنظر، يهدد الثروة الزراعية والاقتصادية بالزوال، وهي النخيل، ويسيء إلى ما ارتبط بها من تراث وطني، حيث كانت تمثل المصدر الغذائي الأول لسكان الجزيرة العربية، وقد كرمها الله بالذكر في 22 آية من القرآن، وإذا صح كل ما نسمعه عن النخيل التي يتم قلعها بسبب الإصابة فإن الأمر خطير جداً.
2 ـ إن جهود المكافحة الحالية غير مجدية، لأنها مقتصرة على القلع ثم الغرم، ومع ذلك فهي جهود محدودة، وتتم في نطاق ضيق، ولا تستجيب لنداءات المزارعين إلا بعد انتظار طويل قد يتسبب في انتشار الإصابة أكثر مما هي، كما أن القلع يتم بطرق بدائية لا تمكن من قلع النخلة بكاملها، وفوق ذلك فهي تترك بعد القلع في مكانها في انتظار سيارة النقل المكشوفة، وكل هذه الأساليب تتسبب في زيادة انتشار الوباء، سواء في المزرعة المصابة، أو من سيارة النقل أثناء مرورها بين المزارع.
3 ـ تشكو وزارة الزراعة من أن بعض أصحاب المزارع المصابة يقفلون أبوابهم في وجوه مندوبي الوزارة عند حضورهم للكشف أو القلع، ولو استقصت الوزارة الأسباب بطريقة علمية، وبوسائل بحثية ميدانية تبينت لها الأسباب الحقيقية، التي ستجعلها إما أن تتوقف عما تقوم به، وإما تعيد النظر فيه، أو تستبدله بما هو أنجع، ولا أجد أسهل من أن تقوم الوزارة بذلك، وتجلس مع المزارعين وتحاورهم، وربما وجدت لديهم من الأفكار ما يساعدها ويوحي لها بما تعجز إمكانات المزارعين عن القيام به.
4 ـ يتساءل الناس كلهم أين مراكز الأبحاث الزراعية، وكليات الزراعة في الجامعات من هذه المشكلة منذ اكتشافها؟! وما الذي أجرته من بحوث وخرجت به من نتائج حولها؟ أين المشكلة، منشؤها، وكيفية انتقالها، وتكاثرها، ووسائل مكافحتها؟ وإذا كان هناك أبحاث أجريت فلماذا لم تنشر نتائجها، وإذا كان هناك عجز فلماذا لا يعلن؟!
5 ـ يقوم بعض المزارعين بمعالجة نخيلهم بأنفسهم بوسائل بدائية، لكنهم يرون أن هذه الوسائل، وإن لم تكن ناجحة 100 في المائة، إلا أنها أقل ضرراً عليهم من الوسيلة التي تتبعها الوزارة، بعد أن ظلوا ينظرون إلى هذه النخيل وهي تنمو مثلما ينظرون إلى نمو أولادهم، يخسرون عليها من عرقهم ودخلهم المحدود، ويصعب عليهم التضحية بها في لحظة، لكنهم في الوقت ذاته يشكون من عدم مساعدة الوزارة لهم لتطوير الوسيلة التي يتبعونها، أو على الأقل توفير المبيدات التي يستخدمونها للمكافحة.
6 ـ قامت الوزارة باستقدام فريق فني يقال إنه متخصص في مكافحة سوسة النخيل، وتعاقدت معه على إجراء التجربة في مزارع محددة، حتى إذا ما نجحت التجربة يتم تعميمها، وتتلخص الطريقة التي يقوم بها في ثقب جذع النخلة في ثلاثة مواضع، ثم حقن مبيد يتم تركيبة من عدة عناصر من المبيدات، وهي طريقة سهلة وغير معقدة فيما لو تم نجاحها، وهي لا تبتعد كثيرا عما يقوم به مزارعونا، بيد أنه ظهرت بعض الإصابات على بعض النخيل التي تمت معالجتها، الأمر الذي يستوجب البحث والتقصي لمعرفة الأسباب.
7 ـ إن من ضمن المقترحات التي ستكون مفيدة، أن تقوم الوزارة بتدريب المزارعين أنفسهم على وسائل المكافحة الناجحة، وتعينهم على تطوير الأساليب التي يقومون بها بجهودهم الذاتية، وتوفير الأدوات والمبيدات اللازمة، وكذا تنظيم دورات تدريبية في المحافظات والقرى، بإشراف مراكز الأبحاث وكليات الزراعة، على أن يصاحب ذلك توعية مكثفة بوسائل الإعلام المتاحة، مع القيام بجولات مكثفة ميدانية على المزارع للتأكد من حصول الإصابات وحصرها، وتدريب المزارعين على وسائل الوقاية. إن القيام بإجراءات من هذا القبيل كفيل بالحد من الإصابات، إن لم يكن القضاء عليها بمشيئة الله.
8 ـ إن مكافحة هذه الآفة، فضلا عن الوقاية منها، تحتاج إلى وسائل علمية، وإمكانات مادية وبشرية كبيرة، تتناسب والأخطار المحدقة بالمزارع، التي تهدد بالقضاء على هذه الثروة الوطنية المهمة، وإذا كانت وزارة الزراعة لا تملك هذه الوسائل، أو جلها، ولا الاعتمادات المالية الكافية لها، فعليها أن تطلبها، بعد أن تبين مدى الأخطار التي تهدد البلاد من تفاقم هذه المشكلة، ولا يكفي في ذلك ما يتوافر في ميزانية الوزارة من اعتمادات قد تكون قاصرة، فالأمر خطير، ولا بد من مواجهته بإعلان حالة طوارئ واستنفار، وتصوير للوضع على حقيقته لولي الأمر، الذي لن يتوانى عن التجاوب والتوجيه بتوفير كل ما يلزم لمساعدة المزارعين، ودرء ما يحيط بهم من أخطار، فهو الذي أمر بتوفير الاعتمادات الضخمة لتطوير التعليم والقضاء، أليست الزراعة، وعمادها النخلة، هي المقوّم الأساس للحياة على هذه الأرض؟!
والله من وراء القصد.